لمحة حول الشعر الشفوي الأمازيغي
لمحة حول
الشعر الشفوي الأمازيغي
ان
الأدب الأمازيغي في مفهومه الواسع يشمل محيطا لغويا و ثقافيا يتمثل في الفضاءات
التي تتداول فيها اللغة الأمازيغية الناقلة لمختلف أجناسه، أي بلدان المغارب و
جنوب النيجر ومالي و جنوب مصر وجزر الكناري، وذلك بمقاييس متفاوتة من رقعة الى
اخرى، علما بأن أهم مواطن انتعاشه و حيويته راهنا هي بلدا المغرب و الجزائر، ففي
هذين البلدين يتواجد الأدب الأمازيغي على نفس الخريطة الثقافية ...وعليه فهذا الأدب
يعتبر من الروافد الأساسية للثقافة الوطنية المتميزة بتنوعها وتعددها، سواء على
مستوى أدوات تعبيرها أو على مستوى مظاهرها وتجلياتها و انماط ممارستها.[1]
ان الخاصية
الأساسية المميزة للأدب الأمازيغي، على غرار الآداب المتعارف على نعتها بالشعبية،
هي الشفاهية. وهي ميزة تستمد تبريرها من طبيعة وواقع اللغة التي تتوسلها أجناسه
للتعبير عن ذاتها، إذ ان اللغة الأمازيغية بمختلف لهجاتها، رغم توفرها على نظام أبجدي
عريق في القدم، تيفناغ، قد كرست مند قرون
و مورست كلغة شفوية بالدرجة الاولى.[2]
وتتعدد المواضيع التي يتناولها الأدب
الأمازيغي عامة بتعدد أجناسه، كل من الحكاية
و الاسطورة والخرافة و المثل و
الحكمة و اللغز و الاحجية، بالإضافة الى الشعر. ويعد هذا الأخير من أقدم الفنون
الأدبية في الثقافة الأمازيغية، وهو أكثر الأجناس الأدبية إنتشارا و
تداولا في المجتمع الأمازيغي مند عهود مضت [3].
و يشكل أيضا من أقوى الأجناس الأدبية و أعرقها في تاريخ الأدب الأمازيغي، فهو
الصيغة التعبيرية المتفردة التي ظهرت في حياة الإنسان الأمازيغي، و ظل مرتبطا
بالسيرورة التاريخية الحضارية للثقافة الامازيغية [4].
إن الشعر في منطقة سوس خاصة، يتداول في مناسبات
عديدة كأشعار العمل والطقوس والزواج... وغيرها كثيرة، و يتميز بكونه إنتاجا جماعيا
في معظمه لا ينسب لشخص معين، وحتى عندما
ينسب إليه فإنه يكون مصاغا حسب قواعد ومعايير جمالية محددة سلفا تنتسب إلى الجماعة
و تتوارث عبر الأجيال، و كذا كونه إنتاجا يتسم بالعفوية لا يؤطره وعي نظري مدرسي
مسبق، بقدر ما يخدع لدواعي التقليد الشفوي وتلقائية الحياة اليومية، و كونه أيضا
مرتبطا في معظمه بالغناء و الموسيقى حيث يشكل مركبا يجد مكانه الأصلي في أسايس الرقصة
و القصيدة المغناة[5].
لا
يوجد في اللغة الأمازيغية كلمة واحدة تدل على الشعر و أنواعه و أصنافه، و لكنها تحتوي
على الكثير من المصطلحات الذالة على الأنواع الشعرية المتداولة في المناطق
المختلفة، يتميز الشعر الأمازيغي الشفوي بغناه و تنوع أشكاله و أوزانه و إيقاعاته
تنوعا شديدا من منطقة إلى اخرى، وهو في عمومه شعر لا ينفصل عن الغناء و الإنشاد
حيث توجد أنواع شعرية تغنى بآلات وترية و إيقاعية، و أنواع اخرى يتم إنشادها بدون
آلات، كما أن ثمة أنواع من الشعر ترافق الرقص و الغناء و العزف.[6]
ويتميز الإنشاد في أسايس بعدة خاصيات من بينها ميزة الحوارية ،الإرتجال، الرمزية، التصوير،
الغناء، الإنشاد، الترديد الجماعي والتقيد بميزان تالالايت [7].
وتتعدد
أغراض و تيمات شعر أسايس حيث يعتبر جزء لا يتجزأ من الثرات العالمي الأدبي الذي
تحدوه نفس الرؤى و الطموحات، وتنطلق إبداعاته من نفس المعاناة، ومن السذاجة البحث
فيه عن نزعات تميزه عن عن النزعات السائدة في شعر الآخرين، فالشاعر الامازيغي لم
يترك بابا من الأبواب إلا طرقه، و لا توجد قضية من القضايا المعاشة محليا او وطنيا
او حتى عالميا إلا ودلا فيها بدلوه[8]،
ومن هذه الأغراض على سبيل المثال : النزعة القبلية، النزعة السياسية ، النزعة
الاجتماعية ، النزعة العرقية و النزعة الرومانسية .
و
صحيح أن تواجد الإنسان الامازيغي على أرض
المغرب منذ أكثر من ثلاثين قرنا(2)، يعد دليلا كافيا للحديث عن أدب أمازيغي مند
القديم، مواكب لحياة هذا الإنسان في استقراره و ترحاله، ومعبر عن عن آلامه و
أحلامه وحاجاته، قد يكون أغلبه تعرض إما للإتلاف أو للنسيان، وفي كلتا الحالتين ما
يزال أمام البحث العلمي الكثير مما يمكن
فعله لتسليط الضوء على على تلك المرحلة من تاريخنا الأدبي، على اعتبار أن معرفة أدبنا
المغربي القديم (العربي و الامازيغي) تعد بين القضايا العلمية و التاريخية
الحساسة المسكوت عنها .
المجاهد الحسين،الأدب
الأمازيغي بللمغرب،ضمن كتاب تاسكلا تمازيغت، مدخل للأدب الأمازيغي، اعمال الملتقى
الاول للأدب الأمازيغي الدار البيضاء، منشورات الجمعية المغربية للبحث و التبادل
الثقافي، ص9[1]
(20-05-2018)https://www.hespress.com/writers/348675.htmlعزيز خديجة "خصوصيات
الشعر الأمازيغي بالمغرب"هسبرس، [3]
[4]مرجع نفسه.
احمد عصيد، دراسات في الادب
الامازيغي ، المعهد الملكي للثقافة للثقافة الامازيغية،الطبعة الاولى،2015،ص7[5]
[6] نفس المرجع ص 8
[7]اوبلا ابراهيم، امارك ن ؤسايس،مطبعةsouss Impression,agadir ،الطبعة الاولى 2012،ص53-65
[8]نفس المرجع ص 67
Commentaires
Enregistrer un commentaire